هو الذي خلق هذا المملوك ، ولا هو الذي أعطاه سمعا ولا بصرا ، ولا هو الذي أجرى له رزقا ، وإنما الله هو الذي تكفل بهذه جميعا . فهو الذي جعل له السمع والبصر والفؤاد ، وهو الذي أوفر من أمره كل شئ ، وبعد ذلك جعله مسخرا للمالك يتصرف لا بنفسه ولا بروحه ولا بكل شئ فيه ، وإنما للمالك فقط حق الأمر ، وعلى المملوك حق الطاعة إلا فيما يخالف أمر الله . وليس للمالك أن يرهق عبده من أمره عسرا ، فإذا أمره بأمر لا يطيقه فليعنه وليأخذ من يده كما أمرنا بذلك رسول الإنسانية ( محمد ص ) ، وليس العبد أو المملوك وراء ذلك إلا خلقا إنسانيا مشابها للخلق الإنساني في الحرية فيجب أن يساوي في جميع الحقوق التي يتمتع بها الحر المالك من مأكل ومشرب وملبس . وليس للمالك أن يعذب مملوكه في غير شئ ، فإن كان قد كرهه فما أيسر التخلص منه والاستبدال به مملوكا آخر . والإسلام ذو رأي ندي رفيق في الرقيق ، فهو أولا لا يميل إلى الرقية بطبعه وإنما يميل إلى إلغائها بصورة تدريجية ، عن طريق وسائل عديدة يمكن بها التقليل من عدد المماليك ، ثم إنهائهم آخر الأمر وإعتاقهم وإعطائهم الحرية الكاملة ومساواتهم بالناس الأحرار الآخرين . وهو يرى أن العبد ذو نفس إنسانية كالنفس التي في الحر لا فرق بينها وبينها بشئ . وكلنا يعرف رأي بعض فلاسفة اليونان في المماليك والرقيق ، وهو أن ليس للرقيق روح مثل الروح التي في الأحرار ، وإنما هي روح غير إنسانية ( بمعنى أنها روح حيوانية لا تفترق عن روح سائر الحيوانات ) لذلك فهي مسخرة لنا وتحت تصرفنا . ومن هنا يرى هذا البعض من الفلاسفة حق المالك في حياة مملوكه أو