البصائر عن سواء السبيل . فحامل العلم خازن بيده مفاتيح أؤتمن عليها ، فعليه أن يقوم بالعلم مقام الخازن المؤتمن الذي لا ينقص الناس ولا يزيدهم شيئا . فهنا يتضح لنا أن من حق الرعية بالعلم ( أي المتعلمين ) أن يتلقوا ما يشاؤون من العلم عن طريق أهله وخزنته . وعلى حملة العلم أن يؤدوا ما وجب عليهم أداؤه من هذا الحق . يجب أن يعلموا فهم إن لم يعلموا مسؤولون أمام الحق والعدل . " وما أخذ الله على الجهلاء أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا " . بالعلم حياة النفوس ونهضة الشعوب وتكوين أجيال أنضر وأزكى . فإذا منع العلماء العلم فقد انحطت أممهم ونزلت أسفل سافلين . والحضارة التي تسود الحياة المعاصرة سارت أشواطا متفاوتة في مضمار الارتقاء العام ، فسبقت وحلقت . لقد ارتفع مستوى الصحة العامة ، وأظن سكان العالم لم يبلغوا في عصر مضى هذا الحد من الكثرة . إن الأوبئة التي كانت تذر الديار بلاقع تلاشت أو انكسرت حدتها . إن الجهود مبذولة لإشاعة الثقافة والرياضة وتنشيط الأذهان والأبدان ، وخلق أجيال فارقتها بلادة الجهل والفوضى ، ونحن نود أن يصعد البشر في درج الرقي حتى يبلغوا القمة ، وأن تنجو الحياة من الأدواء التي أزلتها عن الصراط وعاقتها عن الكمال المنشود ، ولكن كيف السبيل ؟ وأين الغاية ؟ " وما أخذ الله على الجهلاء أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا " ولما كان الإنسان كائنا متعدد الملكات والقوى ، فإن التسامي به يحتاج إلى وسائل كثيرة ، وسائل يجب أن تلاحقه مادة وروحا منذ يتكون قطرة ماء في بطن أمه إلى أن يتحول