علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " المال ينفد والعلم يزكو على الإنفاق " . كما أن أصحاب هذا العلم وأهله خالدون بخلوده ليس يعروهم فناء ، لأن لهم حياة ثانية يستأنفونها بعد أن ينعتقوا من سجن البدن . وينطلقوا في فناء الروح الأبدية ، فيحيون ويرزقون خيرا مما كانوا يحيون ويرزقون أولا ويكون لهم ذكر على الأفئدة والقلوب لا يمحوه الدهر ولا يقوى عليه الزمان " العلماء باقون ما بقي الدهر " . العلماء مصابيح الهداية ، ورسل الرشاد ، وأمناء الله في خلقه . يهدون الضال ، ويأخذون بيد المسترشد إلى حيث السداد والصواب . آتاهم الله من بسطة الفهم ، وسعة العقل ونفاذ البصيرة ما يكون عصمة لهم من الزلل في الرأي والخطل في الفهم ، وعونا على استكناه الحقائق وكشف غوامض العلوم فصدورهم أوعية المعارف ، وعقولهم خزائن الحكم ، يفيض منها على الناس ينبوع لا ينضب ومعين لا يغيض . وعلى مقدار كثرتهم في الأمة واسترشاد الناس بهم يكون رقيها وعزها . كما أن في قلتهم وانفضاض الأفراد من حولهم أو ابتعادهم عن الناس يكون انحطاطها وتأخيرها وانغمارها في جهالة جهلاء ، وفشوا الأكاذيب والأضاليل فيها . وبموت العالم يخبو مصباح يضئ ظلمات الحياة ، ويثلم سيف كان للحق ماضيا ، وينهدم ركن من أركان عظمة الأمة ومجدها ، فإن لم يخلفه غيره بقي ذلك الجانب مهيضا ، وظل ذلك الركن مظلما ، واستولت من بعده على العقول الأوهام والخرافات ، وثارت من مكامنها هوام الفتنة والزيغ ، وتصدر المجالس من ليس لها بأهل ، وأفتى من ليس بينه وبين العلم نسب ولا صهر ، فأذاع الأساطير وملأ الأفئدة والآذان بما ينبو عنه العلم الصحيح ، ويجافي الحق والصواب ولا يزال سادرا في ظلماء الزيغ حتى يضل من حوله بضلاله ويعمي