" عصوا الله وجاؤا بنسل غريب " لذلك كان من الطبيعي ألا يرث . وجرى ( الآشوريون ) على حرمان أبناء السبايا من الميراث إلا إذا لم يكن للأب أولاد من زوجة حرة . وكذلك ( البابليون ) لم يورثوا ابن الأمة إلا إذا اعترف به أبوه أمام شهود . واعتبر اليونان حرية هذا الابن إذا ادعاه أبوه ناقصة . لأنه من الجائز بعد موت أبيه أن يعود إلى الرق . ولم تسم أمة بأبناء الإماء كما سمت مصر ، لأن ( المصريين ) كانوا يسوونهم بأبناء الزوجات الشرعيات ، حتى في التربية والميراث . أما العرب قبل الإسلام فكانوا لا يلحقون أبناءهم من الإماء بنسبهم ، فلا يرثون إلا إذا ادعوهم ، وأشهدوا على أنهم ألصقوا بهم نسبهم ، فإن لم يلحق الرجل ابنه بنسبه استعبده . وإذا فقد كان أبناء الإماء عبيدا في نظر العرب واليونان والرومان واللاسيين واليهود والبابليين . وكانوا محرومين من الميراث في عرف العرب وشريعة حمورابي واليهود والأشوريين والبابليين ، وكانوا لا يلحقون بنسب الآباء في هذه الأمم إلا إذا ادعوهم . ولم يغاير في هذا العرف إلا المصريون القدماء ، وأرسطوا . أما بعد : فإن الإنصاف يقتضينا أن نشهد بأن الإسلام حينما ضيق منافذ الاسترقاق وحض على تحرير الأرقاء ، حث على الرفق بهم ، ودعا إلى مساواتهم بالأحرار في كثير من الحقوق العامة حينما شرع ذلك كله فإنما كانت نظريته الأصلية أن الحرية حق طبيعي للبشر أيا كان جنسهم ولونهم . وبهذا قضى على دعوى التفوق الجنسي التي دان بها اليونان والرومان