مساواة عامة بين الأحرار والأرقاء : لم يكن يدور بخلد أحد من المصلحين السابقين للإسلام أن يمنح الأرقاء مثل الحقوق التي منحهم الإسلام إياها . وما كان يدور بخلد أحد من المصلحين الذين جاءوا بعد الإسلام ولم يدرسوه أنه كان يمحو الفوارق بين السادة والعبيد ، لأن الأساس الذي جرى عليه الإسلام هو أن الحرية هي الأصل ، أما الرق فعارض موقوف عليها . وقد رزح العالم أزمانا طوالا تحت أثقال الطبقية ورسف في قيودها قبل المسيحية وبعدها . فاليهود يزعمون أنهم وحدهم شعب الله المختار ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه كما يعبر القرآن الكريم ، ويفرقون في تشريعهم بين اليهودي وغير اليهودي ، لهذا حرموا الربا بين الإسرائيليين ، وأباحوه ربحا حلالا لليهودي من غير اليهود ( كما في سفر التثنية 15 / 7 - 8 وسفر اللاويين 25 / 35 - 39 ) والديانة البراهمية تقسم الأمة إلى أربع طبقات : أعلاها الكهنة وأدناها الأنجاس أو السفلة . وتحتم على الأنجاس أن يذلوا للكهنة ذلة العبيد ، وتحظر عليهم الاستمتاع بحقوق الإنسان . جاء في قوانين ( منو ) أن البراهمي يجب إجلاله لنسبه ، وأحكامه هي الحجة . وله أن يملك - حين الحاجة - مال أي واحد من السفلة ، لأن العبد وما يملك ملك لسيده . وكان محرما على هذه الطبقة أن تتصل بالعلم أو الدين ، والذي يخالف يعذب أشذ العذاب ، بصب الرصاص المصهور في أذنيه أو شق لسانه وتقطيع جسمه . وكانت الشرائع القديمة تلغي الشخصية المعنوية للعبيد بل تلغي كيانهم الإنساني ، فلم تعترف لهم بحق الزواج ولا بالحق في أن يكون لهم أسرة بالمعنى