وسنسلك في دفع هذه الفرية مسلكا تاريخيا نبين فيه أن الإسلام استهل على العالم ، والرق نظام شائع وعرف متبع . ثم نبين أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي ضيق دائرة الاسترقاق وجفف ينابعه . وأنه الدين الوحيد الذي شرع وسائل شتى لإعتاق الأرقاء وتحريرهم وشرع من الوسائل في حسن معاملتهم ما يكفل لهم الحياة الإنسانية التي يشعرون فيها بالكرامة حتى يحين أوان إعتاقهم * * * كان أمر الرق أمر وضع اجتماعي اقتصادي ، وأمر عرف دولي وعالمي في استرقاق الأسرى ، وقد استخدم الرقيق والأوضاع الاجتماعية المعقدة تحتاج إلى تعديل شامل لمقوماتها وارتباطاتها قبل تعديل ظواهرها وآثارها ، والعرف الدولي يحتاج إلى اتفاقات دولية ومعاهدات جماعية . ولما جاء الإسلام ووجد الرق نظاما عالميا يقوم عليه الاقتصاد العالمي . ووجد استرقاق الأسرى عرفا دوليا يأخذ به المحاربون جميعا . . فلم يكن بد أن يتريث في علاج الوضع الاجتماعي القائم والنظام الدولي الشامل . اختار أن يجفف منابع الرق وموارده دون إحداث هزة اجتماعية لا يمكن ضبطها ولا قيادها . وذلك مع العناية بتوفير ضمانات الحياة المناسبة للرقيق ، وضمان الكرامة الإنسانية في حدود واسعة . بدأ بتجفيف موارد الرق فيما عدا أسرى الحرب الشرعية ونسل الأرقاء وذلك أن المجتمعات المعادية للإسلام كانت تسترق أسرى المسلمين حسب العرف السائد في ذلك الزمان . وما كان الإسلام يومئذ قادرا على أن يجبر المجتمعات المعادية على مخالفة ذلك العرف السائد الذي تقوم عليه قواعد النظام الاجتماعي والاقتصادي في أنحاء الأرض .