وبالتالي فالاسلام وجهها وجهتها الصحيحة ، حين يتوجه بها إلى الله وحده دون سواه . ( فإلهكم إله واحد ، فله أسلموا ) . وهكذا يوحد الإسلام المشاعر والاتجاهات ، ويتوجه بها كلها إلى الله ومن ثم يعني بتوجيه الشعور والعمل ، والنشاط والعبادة ، والحركة والعادة ، إلى الوجهة الواحدة . وبذلك تصطبغ الحياة كلها بصبغة العقيدة . وعلى هذا الأساس حرم من الذبائح ما أهل لغير الله به ، وحتم ذكر اسم الله عليها ، حتى ليجعل ذكر اسم الله هو الغرض البارز ، وكأنما تذبح الذبيحة بقصد ذكر اسم الله . ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) . ثم يعقب بتقرير الوحدانية : ( فإلهكم إله واحد ) وبالأمر بالإسلام له وحده : ( فله أسلموا ) . . وليس إسلام الاجبار والاضطرار ، إنما هو إسلام التسليم والاطمئنان ( وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) . فمجرد ذكر اسم الله يحرك الوجل في ضمائرهم ومشاعرهم . ( والصابرين على ما أصابهم ) فلا اعتراض لهم على قضاء الله فيهم . ( والمقيمي الصلاة ) . فهم يعبدون الله حق عبادته . ومما رزقناهم ينفقون ) فهم لا يضنون على الله بما في أيديهم . وهكذا يربط الإسلام بين العقيدة والشعائر . فهي منبثقة من العقيدة وقائمة عليها . والشعائر كما مر تعبير عن هذه العقيدة ورمز لها . والمهم أن تصطبغ الحياة كلها ، ويصطبغ نشاطها كله بتلك الصبغة ، فتتوحد الطاقة ويتوحد الاتجاه ، ولا تتمزق النفس الإنسانية في شتى الاتجاهات . ويستطرد القرآن السياق في تقرير هذا المعنى وتوكيده وهو يبني شعائر الحج بنحر البدن : ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ، لكم فيها منافع