استعان بقوته أو بماله أو بأحد من الناس ، فليس من أهل إياك نستعين . ومن سلك صراط الحرام والمنكر والبدع والجريمة ، فليس من المهتدين إلى الصراط المستقيم . وإلى هؤلاء الذين تركوا الصلاة ولهم في ذلك فلسفات خاصة نتسائل : كم من الخير فاتهم ؟ وهل المريض الذي يعيش في رعاية طبيبه أفضل أم من يظل فريسة للأسقام والأمراض والعلل معرضا عن وسائل الشفاء ؟ . وإلى هؤلاء الذين يقومون إلى الصلاة وهم كسالى ، نتساءل : هل هذا هو أدب العبد نحو سيده ؟ . وإلى الذين هم عن صلاتهم ساهون ، نتساءل : أمن الصدق والاخلاص أن نناجي وننادي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وصدورنا ليست مستعدة لاستقبال جلال الله سبحانه . ولنعد بعد هذا الاستطراد إلى ما يقوله الإمام عليه السلام : ( إن الصلاة وفادة إلى الله ) والوفادة بمعناها المعروف ( الضيافة ) وهو في الحق تعبير صادق عميق فهو عليه السلام لا يصف الصلاة وفضلها ، ولا يصف واجباتها ومستحباتها ، وإنما يريد ( سلام الله عليه ) أن يكشف ما ينبغي أن يتصف به المؤمن المخلص المسلم وجهه إلى الله حين الصلاة التي هي الوفادة الكريمة على الله . كما نلمس ذلك من سيرته حين الصلاة ، أو حينما يريد الوقوف بين يدي الله . كان إذا أراد أن يتطهر لصلاته لا يطيق الثبوت والسكون ، يتغير منه لونه ، وترتعد فرائصه حتى كأنه غصن تحت إعصار في يوم عاصف . أما إذا وقف بين يدي الرب العظيم فلا يشعر بعالمنا الذي نحن فيه حتى ولا بنفسه وإنما يكون في عالم آخر غير هذا العالم ، يكون في حالة أشبه بالغيبوبة