يقوم عليه اليوم بناء التمدن والاجتماع أثرا بعد عين . ولأجل هذه الأسباب فإن كل علاقة حرة بين الرجل والمرأة لا تقوم على عهد للوفاء معروف مسلم به في المجتمع ، تضاد الفطرة الإنسانية . ولأجل هذه الأسباب ما زال الإنسان يعد الزنا في كل زمان رذيلة قبيحة وتحللا سافرا من قيود الأخلاق ، وإثما كبيرا حسب المصطلح الديني . ولأجل هذه الأسباب فقد بذلت المجتمعات الإنسانية سعيها لسد باب الزنا جنبا بجنب لسعيها في ترويج النكاح في كل عصر وزمان ، مهما كانت صور هذا السعي وطرقه ومقاديره مختلفة ، بين مختلف القوانين والشرايع والنظم الخلقية والمدنية والدينية . وأساس هذا الاختلاف هو الفرق في شعور مختلف المجتمعات بمضار الزنا لنوع الإنسان وتمدنه ، فهو قليل في بعضها وكثير في بعضها وواضح في بعضها ، وملتبس بالمسائل الأخرى في بعضها . 2 - الوجهات المختلفة في اعتبار الزنا جريمة مستلزمة للعقوبة : أما القضية التي فيها الخلاف بين مختلف القوانين والشرايع بعد اتفاقها على حرمة الزنا ، فهي كون الزنا جريمة مستلزمة للعقوبة في نظر القانون . فالمجتمعات التي كانت على قرب من الفطرة الإنسانية ، ما زالت تعد الزنا ( أي العلاقة غير المشروعة بين الرجل والمرأة ) في حد ذاته جريمة قررت لها العقوبات الشديدة ، ولكن ظل سلوك المجتمعات واتجاهها نحو الزنا يلين شيئا فشيئا على قدر ما ظلت زخارف المدنية تفسد هذه المجتمعات . فأول تساهل جيئ به عام في هذه القضية ، أنهم فرقوا بين الزنا المحض والزنا بزوجة الغير ، فاعتبروا الأول خطيئة أو زلة يسيرة ولم يعتبروا جريمة مستلزمة للعقوبة إلا الآخر . أما تعريف الزنا المحض عندهم فهو أن يجامع أيما رجل ، بكرا كان أم متزوجا - امرأة ليست بزوجة لأحد ، فما العبرة