وقد استهل الإمام ( روحي فداه ) رسالته بحق الله تعالى إذ هو أعظم الحقوق وأجلها ، فلذلك يجب أن يؤدى كاملا ، بأن يعبد وحده دون سواه . يعبد وحده بلا شريك ، لأنه وحده المستحق أن يعبد دون غيره . ومثل هذه العبادة تهيمن على الشعور والسلوك ، فهي منهج كامل للحياة يشمل تصور الإنسان لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ، ولحقيقة الصلة بين الخلق والخالق ، ولحقيقة القوى والقيم في الكون وفي حياة الناس . . ومن ثم ينبثق نظام للحياة البشرية قائم على ذلك التصور ، فيقوم منهج للحياة خاص . منهج رباني مرجعه إلى حقيقة الصلة بين العبودية والألوهية ، وإلى القيم التي يقررها الله للأحياء والأشياء . وفي هذا الخط العريض نرى الإمام عليه السلام يدعو إلى العبادة التي تتخلص فيها الديانة السماوية على الإطلاق . يدعو إلى العبادة بإخلاص ، فقد تكون العبادة ولا يكون معها الإخلاص ، وهذا اللون من العبادة غير نافع ، إنما الإخلاص والعزم والجسد والمثابرة - هذا كله - هو المدار في كل الأعمال والعبادات وغيرها من الأمور . ودعوة الإمام هذه إلى العبادة هي نفسها محض الإخلاص ، تبتغي وجه الله وترجو فضله . وهي في الواقع مستمدة من المنبع المعين الذي لا يغيض ، مستمدة من القرآن الكريم . فالقرآن تكاد تغلب عليه صبغة الدعوة المخلصة إلى الله تعالى وعبادته ، والإيمان به وحده دون من عداه . القرآن يدعو الناس ويلح في دعوته إلى أن يعملوا من أجل التوصل إلى العبادة بإخلاص . وأن يضربوا في الأرض إن كان التوصل إلى العبادة متوقفا على هذا الضرب في الأرض . القرآن يكثر التأكيد على أن الذين يترددون في إيمانهم فهم غير رابحين