وجماع القول إن من وصل إلى معرفة ما أودع الله تعالى في هذا العضو من القدرة والأعجاز الباهر ، يعرف عند ذاك مدى قول الإمام عليه السلام واهتمامه به ، وإنه يجب بذل العناية فيه ووقايته وصيانته من الطوارئ ، وحفظه عما يزري به من النظر إلى ما لا يحل النظر إليه ، لأنه من النعم الجليلة ، وليس في مقابل النعم أن نستخدمها في معصية الله . قال علي أمير المؤمنين عليه السلام : ( ليس في الحواس الظاهرة شئ أشرف من العين ، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله ) . فالبصر إن أعطي حقه استخدم في التبصر والنظر في آثار الغابرين وما كانوا عليه ، وما آل أمرهم إليه بعد ذلك ، لنستفيد بصيرة بالأمور وتجربة في الحياة ، ومعرفة بأمور العيش السعيد في الدنيا والآخرة . والبصر إن استخدمناه حيث يصح استخدامه يفيدنا يقينا أكثر حينما ننظر به إلى آيات صنع الله وأعاجيب مخلوقاته ، وكيفية تركيبها وتناسقها وانسجامها . . . كل ذلك نستطيعه بالبصر ، هذا بالإضافة إلى البصيرة التي نكسبها منه حين نجعله موضعا وبابا للاعتبار كما يريد الإمام عليه السلام . ومن المفيد للجميع أرى أن أستعرض الآيات القرآنية التي استعرضت ذكر العين والأبصار ، تدليلا على عظمة هذا العضو ، وأنه من أهم الأعضاء وأعلاها في الإنسان . فمن ذلك ما جاء في سورة ( البقرة ) : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) . المعنى ( والله أعلم ) : إن الذين كفروا ( أي جحدوا الحق ) يستوي عندهم أن تخوفهم من عقاب الله أو لا تخوفهم ، فهم لا يؤمنون ، لأن الله قد