يرتسم على وجهه ، وإذا كان غضبانا تطاير الشرر منهما ، وإذا كان خائفا زاغ بصره ، وإذا كان خجولا قرأ الخجل في عينيه ، بل وحتى المحب الذي ينطوي على كبد حرى فيكتم هواه لا يخفى أمره بل تتكلم عيناه ، كما قال الشاعر : وللعيون أحاديث بلا كلم وكم لها في الهوى شرح وتبيان وكم تناجى المحبون ، وتفاهم الشعراء بلغة النظر وحديث العيون إذا ما تعذرت عليهم لغة الكلام كما قال أحدهم : وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك إذا فالعين هي المرآة الصافية التي تنعكس فيها كل الخوالج الحيوية ، والمؤثرات النفسية ، أما إذا انطفأت جذوة الحياة تعتمت قرنية العين ، وانطفأ مصباح نورها كما ينطفئ المصباح الكهربائي حينما ينقطع عنه التيار . وهي أيضا تنم عن شخصية الإنسان من عزيمة أو ضعف أو تردد أو همة أو أي صفة جبل عليها أو اعتادها ، كما تضفي على الوجه نوعا من الرقة والجمال لا يجهله الكثير من الناس . وهي عنوان الصحة والمرض ، ودليل انحراف المزاج واستقامته ، بل المقياس الدقيق لدى الأطباء للتشخيص ومعرفة الصحة والداء . وأخيرا فإنها دون سائر الأعضاء جزء من المخ تكونت منه ثم تطورت إلى وضعها المرئي . وإن العصب البصري خاصة ممتد من خلايا نفس المخ فلا غرابة إذا ما أصبحت تعرب عن كلما يجري فيه من انطباعات وإحساسات ، فهي مترجمة له حاكية عما فيه ، إذا فالمخ مبعث العواطف والإحساسات ، والعين لسانه الناطق وترجمانه الصادق ) [1] .