عليك حفظ اللسان مجتهدا فإن جل الهلاك في زلله إلى غير ذلك من الأشعار التي اشتهرت عند الأدباء . قال أحد الحكماء : ( في الصمت سبعة آلاف خير ، وقد اجتمعت في سبع كلمات في كل كلمة ألف . أولها : الصمت عبادة من غير عناء . والثانية زينة من غير حلي . والثالثة هيبة من غير سلطان . والرابعة : حصن من غير حائط . والخامسة الاستغناء عن الاعتذار إلى أحد . والسادسة راحة الكرام الكاتبين . والسابعة : ستر لعيوبه ) . وقال حكيم : الكلام المنطوق به في أوانه تفاح من ذهب في سلال من فضة . وقال : كثرة الكلام لا تخلو من زلة ، ومن ضبط شفتيه فهو عاقل ومن فتقهما فحظه الدمار . وقال آخر لابنه : يا بني تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث ، وليعلم الناس أنك أحرص على أن تسمع من أن تقول . وقالت الحكماء : رأس الأدب حسن الفهم والتفهم والاصغاء إلى التكلم . إلى غير ذلك مما به رقي الإنسان وصيانة معنويته . وإلى هذه الظاهرة يشير الإمام عليه السلام في كلمته النورية : إلى أن اللسان بعد أن نعطيه حقه ، أو قبل أن نعطيه إياه ، ذو جانب مهم في الكشف عن ذات الإنسان ، والدلالة على ما تحويه هذه الذات ، بحيث يمكن أن يتخذ اللسان سبيلا لمعرفة الصالحين من غير الصالحين . فاللسان المقوم يدل على حسن السيرة واستقامة في السلوك . أما العكس فيدل على خور النفس وضعف الروح التي تؤدي بصاحبها إلى الانحراف عن السبيل المستقيم . ثم بعد ذلك . وبعد أن يحاول الإمام عليه السلام جهده أن يعلمنا كيف نعطي لساننا حقه ، ونوفيه ما يجب أن يوفى ، يطلق كلمة العبد الذي لا حول له ولا قوة في أمر من الأمور ، إنما الحول والقوة شئ يختص به الجليل