نام کتاب : شرح المواقف نویسنده : القاضي الجرجاني جلد : 1 صفحه : 193
( وثانيهما إن من عن له تحصيل غرض من الأغراض واستوي فيه الصدق والكذب فإنه يؤثر الصدق قطعا ) بلا تردد وتوقف فلولا أن حسنه مركوز في عقله لما اختاره كذلك ( وكذا من رأى شخصا قد أشرف على الهلاك وهو قادر على إنقاذه مال إلى إنقاذه قطعا ) واستغرق في ذلك طوقه ( وإن لم يرج منه ثوابا ولا شكورا كما أن كان المنقذ طفلا أو مجنونا وليس ثمة من يراه ولا يتصور فيه غرضا من جذب نفع أو دفع ضر ) بل ربما يتضرر فيه بتعب شاق فلم يبق هناك حامل سوى كون الانقاذ حسنا في نفسه ( والجواب أما حديث اختيار الصدق فلأنه قد تقرر في النفوس كونه ملائما لمصلحة العالم و ) كون ( الكذب منافرا ) لها ( ولا يلزم من فرض الاستواء تحققه ) فاختياره الصدق لملائمة تلك المصلحة لا لكونه حسنا في نفسه ( وأما حديث الانقاذ فذلك لرقة الجنسية وذلك مجبول في الطبيعة وسببه أنه يتصور مثله في حق نفسه ) أي يتصور إشرافه على الهلاك ( فيستحسن فعل المنقذ له إذا قذره فيجره ذلك إلى استحسانه من نفسه حق الغير وأما ) الطريقان ( الإلزاميان فأحدهما لو حسن من الله كل شئ ) كما اقتضاه مذهبكم من القبح إنما هو لأجل النهي الذي لا يتصور في أفعاله تعالى ( الحسن ) أي لم يمتنع ( منه الكذب وفي ذلك إبطال الشرائع وبعثة الرسل بالكلية لأنه قد يكون في تصديقه للنبي ) بالمعجزة ( كاذبا ولا يمكن ) حينئذ ( تمييز النبي عن المتنبي ) فلا تثبت الأحكام الشرعية وتنفى فائدة البعثة ( وأنه باطل إجماعا ولحسن منه ) أيضا ( خلق المعجزة على يد الكاذب وعاد المحذور ) الذي هو سد باب النبوة ( والجواب أن مدرك امتناع الكذب ) منه تعالى ( عندنا أوليس هو قبحه ) العقلي حتى يلزم من انتفاء قبحه أن لا يعلم امتناعه منه إذ يجوز أن يكون له مدرك آخر وقد تقدم هذا ) في مباحث كونه تعالى متكلما ( ودلالة المعجزة ) على صدق المدعى ( عادية ) فلا تتوقف على امتناع الكذب كما في سائر العلوم العادية التي ليست نقائضها ممتنعة فنحن نجزم بصدق من ظهرت المعجزة على يده مع أن
193
نام کتاب : شرح المواقف نویسنده : القاضي الجرجاني جلد : 1 صفحه : 193