نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 1 صفحه : 406
ولنختم هذا المقام بمحاكمة يحكم بحسنها العاقل المتصف بالانصاف ، وهو أن نقول : إن أراد الأشاعرة بقولهم : إنه لا مؤثر في الوجود إلا الله ، أنه علة قريبة لجميع الموجودات بأن يكون مؤثرا فيها لا بواسطة شئ آخر ، فهو بعيد عن الصواب ، وخروج عن الملة الإسلامية ، وإسناد للقبائح والشرور إليه تعالى ، وكل ذلك مستلزم للمحال ، ونقول للمعتزلة : إن أرادوا بكون العبد موجدا لفعله ، أنه علة تامة لوجود أثره وانقطاع تأثير الله البتة سواء كان بواسطة أو بلا واسطة فهذا أيضا بعيد عن الصواب ، لأن فعل العبد بالضرورة متوقف على قدرته وآلاته ، وبالضرورة ليستا منه ، فلا يكون هو علة تامة في وجود أثره ، ثم نقول : علة العلة هل هي علة بالحقيقة أم لا ؟ فإن كان علة العلة علة حقيقة كان الجميع مستندا إلى الله تعالى ، لكن الأمر ليس كذلك ، بل علة العلة علة على سبيل المجاز لوجوب استناد الأثر إلى المباشر القريب ، ولما كان العبد مباشرا قريبا لفعله أسندت أفعاله الواقعة بحسب قصده إليه لأنه السبب في جودها ، مثال ذلك : أن النحل موجد للعسل ، ولا يقال : إن النحل موجد للحلاوة في الذائقة بل الموجد لها هو العسل ، لأنه العلة القريبة فيها ، والنحل أوجد الحلاوة بواسطة العسل ، فهو علة للعلة لا علة حقيقة ، وعلى هذا تحمل الآيات الواردة ( 1 ) في القرآن العزيز التي بعضها تدل على استناد الأفعال إليه تعالى ، وبعضها على
406
نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 1 صفحه : 406