المسلمين ، ولا يخاف ( عليه السلام ) ومن اتبعه من كمل المؤمنين لومة لائم ، وشدته ( عليه السلام ) على الكفار وذلته على المؤمنين غنيتان عن البيان . فظهر أن الآية الشريفة لا تنطبق على أحد من الثلاثة ، وبعد ما أبطل إطاعة المرتدين ومحبتهم بحسب السياق ، حصر المحبة والنصرة الكاملتين الباعثتين على الإطاعة والانقياد لأصحاب الحزم والتدبر في الله ورسوله والذين آمنوا ، فبشر بتوليهم بالغلبة الحقيقية التي هي الظفر بالأمر الذي لا يضر معه شئ . ويمكن وجه آخر للآية يجري على تقدير إرادة الأولوية أو المحبة والنصرة ، وهو : أنه يظهر من نسبة ولاية طائفة هم فيما نحن فيه المخاطبون إلى واحد بعد نسبتها إلى الله ورسوله وحصرها فيهم ، مزية تامة لهذا الواحد بالنسبة إلى كل الطائفة ، بحيث يعد العقل قباحة جعل أحد من الطائفة رئيسا على الواحد المذكور قباحة واضحة ، سواء جعلت الولاية بمعنى الأولوية والأحقية أو المحبة والنصرة . وبالجملة في اشتراك الثالث مع الله ورسوله في صفة إضافية يختصون بها ولا يتجاوز عنهم ، دلالة واضحة على مزية الثالث على الباقين مزية واضحة ، بل خروجه من أن ينسب إلى أحد الباقين ، فكيف يجعل أحدهم رئيسا عليه ؟ اعلم أن النقل المستفيض من المفسرين وغيرهم على نزول الآية في شأن علي ( عليه السلام ) بعد تصدقه بالخاتم حال الركوع ، حتى أن جماعة من أهل السنة نقلوا الاتفاق على هذا . وموافقة أسلوب " وهم راكعون " الحالية خصوصا مع ملاحظة سبب النزول وعدم تجويز المحققين عموم الآية ، تدفع ما ذكره شارح التجريد على وفق صاحب المغني بقوله : وأيضا والذين آمنوا صيغة جمع ، فلا يصرف إلى الواحد إلا بدليل ، وقول المفسرين أن الآية نزلت في حق علي ( عليه السلام ) لا يقتضي اختصاصها واقتصارها عليه ، ودعوى انحصار الأوصاف فيه مبنية على جعل " وهم راكعون "