من غير حاجة إلى دليل آخر ، وكان كل واحد من وجوب اتباع سبيل المؤمنين بل جوازه وترك اتباعه على أحد الوجهين تابعا لما يدل عليه ، لكن العرف يقتضي من الوعيد على اتباع غير سبيل المؤمنين وتحريمه وجوب اتباع سبيلهم . وفيه : أن هذا إنما يلزم أن لو كان هذا الوعيد مترتبا على المشاقة من غير ملاحظة الانضمام ، حتى يلزم تعلقه باتباع غير سبيل المؤمنين كذلك للتناسب ، لكن لا يبعد أن يقال : إن الوعيد متعلق بمجموع المشاقة والاتباع ، كما هو ظاهر العطف بالواو مع ذكر الجزاء بعده ، وإن لم يكن هذا الاحتمال راجحا فليس مرجوحا . وظهور حرمة المشاقة منفردة لا ينافي اشتراط حرمة الاتباع المذكور في الآية بالمشاقة ، فلعل الوعيد المذكور متعلق بالمشاقة المضمومة إلى الاتباع ببلوغ المجموع مرتبة من مراتب الحرمة التي يترتب عليها ما رتبه عز وجل بقوله * ( نوله ) * . وحينئذ ظهور الآية في حرمة الاتباع ممنوع ، وعلى تقدير الظهور كفايته في إثبات مثل [1] هذا الأصل ممنوعة ، بل باطلة عند كثير من الأصوليين [2] ، كما يظهر من علم الأصول . وعلى تقدير عدم الكفاية ، كما يضعف الاستدلال بالآية بما ذكرته بضعف الاستدلال بها باحتمال التخصيص بمتابعة الرسول وغيرها .
[1] ذكر لفظ " مثل " هذا إشارة إلى إمكان إثبات بعض مسائل الأصول بالظهور وخروج حجية الاجماع " منه " . [2] وإنما قيدنا البطلان بعند كثير من الأصوليين ، لأنه إذا حصل الظن بوجوب أمر أو حرمته من الاجماع ، حصل ظن استحقاق العقاب بتركه على الأول ، وفعله على الثاني ، فيحكم العقل بوجوب الاجتناب عن الظنية ، يجب الفعل في الأول والترك في الثاني ما لم يدل دليل قوي على خلافه ، مثل دليل يدل على عدم وجوب متابعة القياس المفيد للظن ، بل عدم جوازها ، فالمعتمد هو منع ظهور الآية في حرمة الاتباع ويتقوى باحتمال التخصيص " منه " .