تعالى ، ولا علم لنا بعدمها ، لإمكان صيرورة ظهوره للمطيع سببا لظهوره للعدو ، بسبب أن طالب الحق لا يصدقه بلا معجزة ، وفي مدة التفتيش والتحير ربما يظهر للمخالف أيضا ، بل بعد التصديق أيضا ، إما بتلبيس العدو عند الشيعة وزعمهم أنه منهم ، أو بقلة الحوصلة ، أو بغيرهما مما لا اطلاع لنا عليه ، فيصير سببا لترتب المضرة التي لا يقابلها منفعة الظهور . وما ذكرته من التحكم توهم ، لأن سلب لطف إرسال النبي أو الإمام لا يناسب [1] عدم منع الظلمة عن جريان ما يناسب هذا اللطف بعد الارسال ، أتظن أن بعثة نبينا ( صلى الله عليه وآله ) إلى بلاد لم تجر أحكامه فيها بتمرد خسرو وهرقل وغيرهما لم تكن لطفا من الله تعالى بأهل تلك البلاد ؟ أو تقول بأنها كانت لطفا من الله تعالى ، لكن المتمردين فعلوا ما فعلوا وحرموا أنفسهم وغيرهم من الاستضاءة من أنوار النبوة ، والأول لا وجه له . وعلى الثاني فما تقول في مدة ظهوره ( صلى الله عليه وآله ) في مكانه بالنسبة إلى أهل البلاد المذكورة نقول في مدة الغيبة ، وكذلك حكم الأنبياء الذين لم يكونوا قادرين على إظهار سنتهم في بعض البلاد التي كانت نبوتهم جارية على أهلها في مدة لأجل المتمردين العاتين ، مع أن تلك البلاد لم تكن خالية عن طلبة النجاة ، لكن كانوا محرومين من فيض ظهور النبي بشآمة المعاندين . والحاصل أن الحجة على وجوب هذا اللطف تامة ، وما زعموه دليلا على خلافه مردود بالمنع والسند . فإن قلت : ما تقول في ظهور سيد الشهداء ( عليه السلام ) مع شدة الخصم وظهور ما ظهر منه ، فلو كان الخوف سببا للغيبة لوجبت عليه ( عليه السلام ) .
[1] ولهذا لحكم العقل بعدم احتمال سلب لطف الارسال كما ذكرته ، ولا يحكم بعدم احتمال عدم منع الظلمة ، وملاحظة القرون السابقة شاهدة على تحقق عدم منع الظلمة " منه " .