والمترددون إلينا ، وينقلون كيفية المعارضة وكميتها ، لعدم خوف الناقلين إلينا إذا لم يكونوا من الفرق المنكرين للإسلام . وما ذكرته مما يحكم به كل من له أدنى تمييز يطلب الحق حكما يقينيا لا ارتياب فيه أصلا ، وعدم الضبط في أمثال هذه الأمور يدل على العدم دلالة قطعية . المقصد الثالث في الإمامة اختلف الناس في وجوب نصب الإمام وعدمه ، والمشهور هو الوجوب ، وقول الفاضل التفتازاني إنه قام الاجماع على أن نصب الإمام واجب ، وإنما الخلاف في أنه يجب على الله تعالى أو على الخلق ، بدليل عقلي أو سمعي ، والمذهب أنه يجب على الخلق سمعا ، لقوله ( صلى الله عليه وآله ) " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " [1] انتهى . مبني على عدم اعتداده بقول الخوارج بعدم الوجوب ، وما جعله المذهب هو مذهب الأشاعرة ، ونقل عن أكثر المعتزلة والزيدية القول بوجوبه على الخلق عقلا ، وعن الجاحظ والكعبي وأبي الحسين من المعتزلة القول بوجوبه على الخلق عقلا وسمعا . والإمامية الاثنا عشرية قالوا بوجوبه على الله تعالى ، والدليل عليه أن العقل يحكم بوجوب اللطف ، وهو تقريب المكلفين إلى الطاعة وتبعيدهم عن المعصية على الله تعالى ، بمرشد كامل نبيا كان أو إماما ، إذا لم يكونوا كاملين صالحين لأن يكونوا محل الوحي والإلهام ، مصونين عن الخطأ والعصيان كما هو الواقع . وليس مرادهم من وجوب اللطف وجوب أي مرتبة من مراتب التقريب
[1] كنز العمال 1 : 103 . وضعف التمسك بهذه الرواية سيظهر قريبا عند بيان كون الإمامة من الأصول " منه " .