تريد الفتنة وتحبها ، قد أنفلت [1] الشام علينا ، فقال له أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك لا يكون لأحد عليك كلام ، فقال له عثمان : مالك ولذلك لا أم لك ؟ فقال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فغضب عثمان وقال : أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب ، إما أن أضربه ، أو أحبسه ، أو أقتله ، فإنه قد فرق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من الأرض ، فتكلم علي ( عليه السلام ) وكان حاضرا ، فقال : أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون * ( فإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم أن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ) * فأجابه عثمان بجواب غليظ لم أحب أن أذكره ، وأجابه علي ( عليه السلام ) بمثله . ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلموه ، فمكث كذلك أياما ، ثم أتي به ، فلما وقف بين يديه قال : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورأيت أبا بكر وعمر ؟ هل رأيت هذا هديهم أنك لتبطش بي بطش جبار ، فقال : اخرج عنا من بلادنا ، فقال أبو ذر : فما أبغض إلي جوارك ، قال : أين أخرج ؟ قال : حيث شئت ، قال : أفأخرج إلى الشام أرض الجهاد ؟ فقال : إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أفأردك إليها ؟ قال : أفأخرج إلى العراق ؟ قال : لا ، قال : ولم ؟ قال : تقدم على قوم أهل شبه وطعن على الأئمة ، قال : أفأخرج إلى مصر ؟ قال : لا ، فقال : فإلى أين أخرج ؟ قال : حيث شئت ، قال أبو ذر : هو إذا التعرب بعد الهجرة أخرج إلى نجد ، فقال عثمان : الشرف الشرف الأبعد ، أقصى فأقصى ، فقال أبو ذر : قد أبيت ذلك علي ، قال : امض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة ، فخرج إليها . وروى الواقدي عن مالك بن أبي الرحال ، عن موسى بن ميسرة ، أن أبا الأسود