يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) * [1] فقال معاوية : هذه في أهل الكتاب ، فقلت : فيهم وفينا ، فكتب معاوية إلى عثمان في ذلك ، فكتب إلي أن أقدم ، فقدمت عليه ، فانثال الناس إلي كأنهم لم يعرفوني ، فشكوت ذلك إلى عثمان ، فخيرني وقال : إن أحببت حيث شئت ، فنزلت الربذة [2] . وقال السيد ( رحمه الله ) في جوابه : قد وجدناك في قصة عثمان وعمار بين أمرين مختلفين ، بين دفع لما روي من ضربه ، وبين اعتراف بذلك وتأول له ، واعتذار منه بأن التأديب المستحق لا حرج فيه ، ونحن نتكلم على الأمرين : أما الدفع لضرب عمار ، فهو كالإنكار لوجود أحد يسمى عمارا ، أو لطلوع الشمس ظهورا وانتشارا ، وكل من قرأ الأخبار وتصفح السير يعلم من هذا الأمر ما لا تثبته عنه مكابرة ولا مدافعة ، وهذا الفعل - يعني : ضرب عثمان لعمار - لم يختلف الرواة فيه ، وإنما اختلفوا في سببه : فروى عباس بن هشام [3] الكلبي ، عن أبي مخنف في سنده ، قال : كان في بيت المال في المدينة سفط فيه حلي وجوهر ، فأخذ منه عثمان فأحلى به بعض أهله ، فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك ، وكلموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه ، فخطب فقال : لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام ، فقال له علي ( عليه السلام ) : إذن تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه ، فقال عمار : أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك ، فقال عثمان : أعلي يا بن ياسر وسمية تجترئ خذوه ، فأخذوه ودخل عثمان فدعا به ، فضربه حتى غشي عليه ، ثم أخرج إلى منزل أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب ، فلما أفاق توضأ وصلى وقال : الحمد لله ليس هذا أول يوم
[1] التوبة : 34 . [2] الشافي 4 : 286 - 289 عن المغني . [3] في الشافي : عباس عن هشام .