كان من المهاجرين الذين أسلموا قبل قوة الإسلام ، وكان يحضر الغزوات والحروب عند قلة أهل الإسلام وضعفهم ، فلو صدر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طرده ومنعه والحكم بنفاقه بمثل هذه الأمور التي لا يظهر شناعتها للعامة ، لربما صار سببا لنفرة الناس عن الإسلام ، بتوهمهم عدم منافاة هذه الأمور التي ظهرت من عمر رعاية مرتبة الرسالة ، فطرده ومنعه من هذه الكلمات من علامات السلطنة ، لأن شأن أكثر السلاطين عدم رعاية سابقه الحقوق عند سدة الغضب لبعض مراتب العقوق . وأما بيان مرتبة عمر بالعمومات ، فقد ظهر عدم بيان التفصيل وجهه ما ظهر من عدم طرده ومنعه . وبعد ما نقلت الخبر وبينت شناعة قول عمر ، رأيت أن العلامة الحلي ( رحمه الله ) نقل الخبر بتفاوت يسير لا يتغير به المعنى ، من الجمع بين الصحيحين ، من مسند أبي هريرة ، من أفراد مسلم ، وذكر شناعة ما فعل عمر وقال : مع أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال فيما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند أبي ذر ، قال : أتاني جبرئيل فبشرني أن من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، وفي رواية : لم يدخل النار . فهذا الحديث صحيح عندهم ، فكيف استجاز عمر الرد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وفيه في مسند غسان بن مالك متفق عليه ، قال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن الله حرم النار على من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهه . وإذا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال ذلك في عدة مواطن ، كيف استجاز عمر فعل ما فعله [1] . وقال فضل بن روزبهان : اتفق العلماء على أن ذلك يدل على كمال علم عمر ، وعلو مرتبته عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث مكنه بعد الاعتراض ، وذكر بعض كلمات