لياقة صاحبه للإمامة ، وكان اشتهار هذا القول منه وظهوره مانعا عن إنكار تكلمه بهذا الكلام ، اضطروا إلى التوجيه ، فقال فضل بن روزبهان ما حاصله أمران : أحدهما أن غرضه من هذا الكلام عدم انتشار الخبر قبل البيعة حتى لا يظهر من المنافقين الفتنة . والثاني أن غلبة المحبة وشدة المصيبة صارتا سببين لغفلته ، وهذا لا يكون طعنا عليه [1] . وذكر شارح التجريد احتمال سببية شدة المصيبة ، واحتمال فهمه من قوله تعالى * ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ) * [2] وقوله * ( ليستخلفنهم في الأرض ) * [3] أنه يبقى إلى تمام هذه الأمور وظهورها غاية الظهور . وقال صاحب المغني : روي عنه أنه قال : كيف يموت ؟ وقد قال الله * ( ليظهره على الدين كله ) * وقال : * ( وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) * فلذلك نفى موته ، لأنه حمل الآية على أنها خبر عن ذلك في حال حياته ، حتى قال له أبو بكر : إن الله وعد بذلك وسيفعله ، وتلا عليه ما تلا فأيقن ، وإنما ظن أن موته يتأخر عن ذلك الوقت لا أنه منع من موته [4] انتهى . وسخافة هذه الاعتذار على ما يظهر من كلام العلماء طاب ثراهم مع تقريب ما ظاهرة . أما خوف فتنة المنافقين ، فلا وجه له لقلتهم وضعفهم ، بحيث لا يتوهم في شأنهم القدرة على الفتنة أحد . وأما شدة المحبة ، فانتفاء آثارها يدل على انتفائها ، لأن من آثار شدة المحبة إطاعة قوله ، وتخلفه عن جيش أسامة مع غاية مبالغة