استدلالهم بالنص على ثبوت الإمامة بالبيعة بأحد الوجهين ، دليل قاطع على عدم النص ، وما ذكروا من إغناء الاجماع عن نقل النص ضعيف ، لعدم تحقق الاجماع ، كما ظهر لك عند تكلمنا على دعوى الاجماع على إمامة الأول . وأيضا هذا الاجماع لم يتحقق عند من له أدنى تميز منهم إلى زمان عمر ، لخلاف سعد وأصحابه التابعين له ، فمناط الاستدلال في زمان الأول هو النص ، وظاهر أنه لو كان دليلهم النص القطعي السند والدلالة بل الظاهر فيهما ، لكانوا يذكرونه في مقام الاحتجاج ، ولو كانوا ذكروه في موارد مختلفة لوصل إلينا بخصوصه البتة ، فعدم الوصول دليل على العدم . وأيضا نقلوا بطرق مختلفة ما استدلوا به على استحقاق الأول للخلافة في السقيفة ، مع غاية سخافته وكمال ركاكته ، ولم ينقلوا النص القاطع الذي يخرج دليلهم عن السخافة واعتمادهم عليه عن الفصاحة . وأما ثالثا ، فلأنه كيف خفي النص أو دلالته على باب مدينة العلم ؟ وعلى سلمان وأبي ذر ومقداد ، مع جلالة قدرهم التي ظهرت لك في ضمن البحث السابع من الأبحاث التي أوردتها على إجماعهم ، ولم يخف على العامة والسفلة . وأما رابعا ، فلأن كون التمسك بأهل البيت حارسا عن الضلال ، معلوم بالأخبار الصحيحة الواضحة الدلالة ، فترك البيعة مع الاختيار هو سبب الفلاح ، لكونه طريقة أهل البيت ، وطريقة من تمسك بهم ، واستنباط النص لوجوب البيعة بعد بيعة عمر وثبوت الإمامة بها مع وضوح ضعف المأخذ وترك تبعية أهل البيت وتوقع النجاة له ، من غاية الجهل والعناد . وأما خامسا ، فلأن دوران الحق مع علي ( عليه السلام ) يبطل توهم النص الدال على وجوب البيعة ، لأنه لو كان النص موجودا لم يؤخر ( عليه السلام ) البيعة حتى يستحق بتأخيرها إحراق البيت .