فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرة ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وأن جهنم لمحيطة بالكافرين . فهيهات منكم وأنى بكم وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، زواجره بينة ، وشواهد لائحة ، وأوامره واضحة ، أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، بئس للظالمين بدلا ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ، ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها ، تسرون حسوا في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى ، وأنتم الآن تزعمون أن لا أرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون . يا بن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريا ، فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكل نبأ مستقر فسوف تعلمون . ثم انكبت على قبر أبيها ، فقالت : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فأشهدهم ولا تغب وروى جرمي بن أبي العلاء مع هذين البيتين بيتا ثالثا ، وهو : فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكثب قال : فحمد الله أبو بكر ، وصلى على محمد وآله ، وقال : يا خير النساء وابنة خير الأنبياء ، والله ما عدوت رأي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا عملت إلا بإذنه ، وأن الرائد لا يكذب أهله ، وأنى أشهد الله وكفى به شهيدا ، أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضا ولا دارا ولا عقارا ، وإنما نورث الكتاب