يدخل فتية أهل السنة من صدقاته ثم يجعل ما بقي في بيت المال ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : فلما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبضها أبو بكر ، فجئت يا عباس تطلب ميراثك من ابن أخيك ، وجئت يا علي تطلب ميراث زوجتك من أبيها ، وزعمتما أن أبا بكر كان فيها خائنا فاجرا ، والله لقد كان امرء مطيعا تابعا للحق ، ثم توفي أبو بكر فقبضتها ، فجئتماني تطلبان ميراثكما ، أما أنت يا عباس فتطلب ميراثك من ابن أخيك ، وأما علي فيطلب ميراث زوجته من أبيها ، وزعمتما أني فيها خائن فاجر ، والله يعلم أني فيها مطيع تابع للحق ، فأصلحا أمركما وإلا والله لم ترجع إليكما ، فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة . قلت : وهذا الحديث يدل صريحا على أنهما جاءا يطلبان الميراث لا الولاية ، وهذا من المشكلات [1] انتهى . وقال : اعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين : في الميراث والنحلة ، وقد وجدت في الحديث أنها نازعت في أمر ثالث ، ومنعها أبو بكر إياه أيضا ، وهو سهم ذي القربى ، ونقل روايات على وفق هذه الدعوى . منها : ما رواه عن أبي بكر الجوهري بسنده إلى عروة ، قال : أرادت فاطمة أبا بكر على فدك وسهم ذي القربى ، فأبى عليها وجعلهما في مال الله [2] . ونقل رواية أخرى استدلت الطاهرة ( عليها السلام ) فيها بقوله تعالى * ( واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) * [3] ودفع أبي بكر وعمر قولها بما دفعاه ، ولا حاجة إلى نقله ، وهذه الأخبار من كتاب أبي بكر الجوهري ، بعد أن قال : هذا عالم محدث كثير الأدب ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه مصنفاته
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 229 . [2] شرح نهج البلاغة 16 : 230 - 231 . [3] الأنفال : 41 .