فإن قلت : أخبر الله تعالى بمصاحبته ، وبعد ما ثبت مصاحبته بالآية نقول : مصاحبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في تلك الحال تدل على كمال المحبة ، وقصد نهاية الاهتمام في الذب عنه ، والمصاحبة في مثل تلك الحال مقرونة بهذا القصد من أعظم القربات ، فمثل هذا الاهتمام والمحبة في أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يجتمع مع غصب الخلافة . قلت : يمكن أن يكون اختياره صحبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لمحافظة نفسه من بعض المخاوف بقدر الإمكان ، بأن يكون سمع من الجماعة التي اعتمد بأقوالهم ظفر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الكفار لكونه معروفا بين أهل الكتاب والكهنة ، فاختار رفاقته لظن السلامة ، أو يكون سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إخباره بالظفر واعتقد صدقه . وعلى تقدير كون الداعي محبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والسعي في محافظته مع عدم نقل شئ ، يدل على جرأته وقوته ، ودفع شر الأعداء في وقت من الأوقات لا يدل على عدم ضلاله بعد فكم من مهتد ضل . وبعض العلماء استدل بهذه الآية على نقص أبي بكر ، لكون إنزال السكينة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مقرونا بإنزالها على المؤمنين ، كما يدل قوله تعالى * ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) * في هذه السورة وغيرها . وأما في الثاني ، فلأن المراد من قوله " معنا " يمكن أن يكون هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منفردا ، وذكر هذه الصيغة وإرادة الواحد غير عزيز . فإن قيل : ذكر " معنا " بعد منع أبي بكر عن الحزن الذي حصل له من الخوف يدل على اشتراكه مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في قوله " معنا " . أجيب : بأنه يمكن أن يكون أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نفسه بهذا اللفظ ، ويكون المراد في هذا المقام أن الله معي يحفظني ويحفظ من معي من شر الأعداء الذي خفت منه . وعلى تقدير شركته معه في هذه الصيغة ، مراده كون الله تعالى معهما في دفع هذا الخوف الذي حصل من طلب كفار قريش ، ولا منقبة في هذا ، وعلى تقدير