يمكن أن يختلف الحال باختلاف الخطأ والمخبرين ، فلا يبالون بظهور خطائهم في بعض الأمور ، ويكرهون كراهة ما في بعضها ، ويكرهون أشد الكراهة في بعض آخر . ومع وضوح ما ذكرته من الاحتمال وشهادة الاستقراء عليه ، يؤيده ما نقل شارح المختصر من الاحتجاج لقول الشافعي ، بأنه إذا أفتى واحد أو جماعة بقول وعرف الباقون ولم ينكره أحد ، ليس إجماعا ولا حجة ، بأنه يجوز أن يكون من لم ينكر إنما لم ينكر لأنه لم يجتهد بعد ، فلا رأي له في المسألة ، أو اجتهد وتوقف لتعارض الأدلة ، أو خالفه لكن لما سمع خلاف رأيه روى ، لاحتمال رجحان مأخذ المخالف حتى يظهر عدمه ، أو وقره فلم يخالفه تعظيما له ، أو هاب المفتي أو الفتنة ، كما نقل عن ابن عباس في مسألة العول ، أنه سكت أولا ثم أظهر الانكار ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنه والله كان رجلا مهيبا يعني عمر ، ومع قيام هذه الاحتمالات لا يدل على الموافقة ، فلا يكون إجماعا ولا حجة انتهى . وإذا كانت هيبة عمر مانعة لابن عباس عن الفتوى بخلافه في مسألة العول مع عدم المنافاة الظاهرة لجاهه ، فكيف يحكمون بعدم منع هيبته عن القول ببطلان خلافته ، أو خلافة من عقد الخلافة له ؟ لتوقعه منه ما توقع ، وبإمكان إظهار النصوص الدالة على بطلانها ، وهل هذا إلا ترجيح المسألة بالأهواء ؟ وتأويل الأدلة أو طرحها لمنافاتها . ومسألة جلد الحامل ونفي المغالاة وشبههما لا تدل على ترك السكوت مطلقا ، ولا في الأغلب في المسائل الغير المتعلقة بالإمامة ، فكيف في المسألة المتعلقة بها ، ولعلهم فيما يستنبط الاصرار فيه سكتوا عنه مطلقا ، وما يظن إثارة الغضب في وقت دون وقت يظهرونه عند ظن عدم الغضب إن شاؤوا . ويؤيد ما ذكرته ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، في كتاب الاعتصام ، من