الحكاية ولا الاجماع . وفي قول أبي بكر " مهلا يا عمر الرفق هاهنا أبلغ " دلالة واضحة على بناء الأمر على الحيلة ، وإلا كان الواجب أن يقول : لم يصدر من سعد ما يستحق القتل أو اللوم . وقول عمر " لا تدعه حتى يبايع " بعد امتناع سعد صريح في الأمر بالإكراه والجبر ، وبأي سند يكرهونه في البيعة ؟ مع عدم ثبوت الأمر لا بالنص ولا بالإجماع كما عرفت . وقول بشير بن سعد " وليس تركه بضائركم إنما هو رجل واحد " صريح في كون قصدهم الغلبة بأي وجه كانت ، فكأنه قال : الغلبة لا تبطل بعدم إطاعة واحد ، وإلا فالإجماع يختل بخلاف واحد وإن لم ينفع الإطاعة بالإكراه [1] . فإن قلت : كونه صاحب غرض يخرج قوله عن الاعتبار . قلت : كونه صاحب غرض يخرج قوله عن الاعتبار لو علم أنه اعتقد إمامة أبي بكر وينكرها للداعية ، ولم يظهر منه أكثر من داعية الخلافة بدعوى الاستحقاق بحسب الفحوى ، وأما اعتقاده بعدم استحقاقه واستحقاق أبي بكر فلم يظهر منه ، وأيضا عذر بشير هو عدم الضرر على الوحدة لا بكونه صاحب غرض . واستدلوا على الأمر الثاني وهو إمامة أبي بكر بدليلين : الأول : الاجماع ، وخلاصة ما ذكروه : أن المهاجرين والأنصار تركوا تجهيز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأن أمر الخلافة كان في غاية الاهتمام ، وربما يترتب على تأخيره المفاسد التي يتعذر تداركها أو يتعسر ، بخلاف تأخير تجهيز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإنه مع عدم المفسدة كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبعض الأصحاب مشغولا به ، والأمر المخوف فواته هو المتعين بالمسارعة . ولم يكن سبب ترك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عدم علمهم بما يقتضيه مرتبته ، بل علموا
[1] راجع حديث السقيفة كما تقدم الشافي 3 : 184 - 191 .