نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 502
ولكن بالنظر إلى ما ذكرنا من سعة آفاق دلالته يتبين أن عددها ربما يتجاوز عن الخمسمائة ، إذ رب آية لا تمت إلى الأحكام بصلة ، ولكن بالدقة والإمعان يمكن أن يستنبط منها حكم شرعي . فمثلا سورة المسد ، أعني قوله سبحانه : * ( تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب . . . ) * [1] ، بظاهرها ليست من آيات الأحكام ، ولكن للفقيه أن يستند إليها في استنباط بعض الأحكام الشرعية ، وقد حكي عن بعض الفقهاء أنه استنبط من سورة " المسد " قرابة عشرين حكما فقهيا ، كما استنبطوا من قوله سبحانه : * ( قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك . . . ) * [2] أحكاما شرعية . وهذا بالنسبة إلى ما ذكرناه من سعة آفاق دلالة القرآن ليس بغريب . ج . التدرج في التشريع نزل القرآن تدريجيا قرابة ثلاث وعشرين سنة لأسباب ودواع مختلفة اقتضت ذلك ، وأشار إليها الذكر الحكيم في غير واحد من الآيات : قال سبحانه : * ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) * [3] أي فرقنا نزوله كي تقرأه على الناس على مهل وتريث . كما أشار في آية أخرى إلى داع آخر ، قال سبحانه : * ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) * [4] فتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد الأسباب التي دعت إلى نزول القرآن بين الحين والآخر وفي