نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 476
أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ) * [1] . أنظر إلى هذا البيان الرفيع والكلام الرصين كيف يطرح أسلوب التفكير الصحيح ؟ وفي نفس الدعوة إلى ظواهر الكون والنظام السائد فيه ، دعوة أخرى للارتقاء إلى معرفة عقلية بحتة ، وهو أن للنظام صلة بخالق عالم قادر في وضع الكون على أحسن نظام . يذكر فيها أمر الخلق ، والزرع ، والماء ، والنار ، ويذكر دور الإنسان فيها ، فأمره في الأول لا يزيد على أن يودع الرجل ما يمني في رحم امرأته ، ثم ينقطع عمله وعملها ، فالعقل يحكم بأن هناك قدرة غيبية تأخذ بزمام الأمور ، تعمل في هذا الماء المهين ، في تنميته وبناء هيكله ، ونفخ الروح فيه . وأمره في الثاني لا يزيد على الحرث وإلقاء الحب والبذر ، الذي هو صنعه سبحانه ، ثم ينتهي دوره ، فلا محيص عن وجود قدرة تنميه تحت التراب ، وتجعله سنبلا أو سنابل فيها حب كثير . وأما الماء فليس للإنسان فيه أي دور ، لكنه أصل الحياة وعنصرها ، لا تقوم إلا به ، فمن الذي خلقه وأنزله من المزن ، وأسكنه في الأرض ؟ ومثله النار فليس له فيها شأن سوى أنه يوقدها ، ولكن من الذي خلق وقودها ، وأنشأ شجرتها التي توقد ؟ إن الذكر الحكيم عرض هذه الأمور لغاية الاهتداء بها إلى الحقيقة التي تنتهي إليها هذه الحقائق ، والتي تمسك بزمام هذه الظواهر الكونية ، ولأجل ذلك ختم الآيات بقوله : * ( فسبح باسم ربك العظيم ) * .