نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 475
بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) * [1] . والمراد من الشكر في ذيل الآية هو صرف النعمة في مواضعها ، فشكر السمع والبصر هو إدراك المسموعات والمبصرات بهما ، وشكر الفؤاد هو إدراك المعقولات وغير المشهودات به ، فالآية كما تحرض على إعمال السمع والبصر في درك ظواهر الكون ، تحرض أيضا على استعمال الفؤاد والقلب والعقل فيما هو خارج عن إطار الحس وغير واقع تحت متناول أدواته ، فمن أراد قصر التعليم والتفكير على ظواهر الكون وحرمان الإنسان عن التفكر خارج نطاق الحس فقد خالف القرآن الكريم . كما وأن من اقتصر على المعرفة الحسية هو أشبه بالطفل الذي لا يتمكن من التحليق في سماء المعرفة ، بل يقتصر بما حوله من الأشباه والصور ، كما أن من اقتصر على المعرفة العقلية فقد أفرط ، وربما حرم من بعض المعارف التي يكون الحس وسيلة إليها فالإنسان يستخدم الحس والعقل ويحلق بكلا جناحيه في سماء العلم والعرفان ، فالقرآن الكريم يعطي للحس منزلة ومكانة ، كما ينمي القابليات الفكرية في الإنسان عن طريق طرح قضايا حسية ملموسة وعقلية . قال سبحانه : * ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون * أفرأيتم ما تمنون * ء أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون * . . . أفرأيتم ما تحرثون * ء أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون * بل نحن محرومون * أفرأيتم الماء الذي تشربون * ء أنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون * أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم