نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 272
المسلمين ، قال سبحانه : * ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ ) * . [1] والإجابة عن هذه الشبه واضحة ، أما الآية الأولى فإن الإنسان مهما بلغ من العلم فعلمه بالنسبة إلى الأسرار الكامنة في صحيفة الكون والوجود ، ضئيل جدا ، فأين عقله المحدود من العالم اللا محدود ؟ فإن نسبة ما يعلمه إلى ما لا يعلمه كنسبة الذرة إلى المجرة ، فهو لم يعرج من سلم العلم والمعرفة إلا درجات معدودة لا يعتد بها . وأما الآية الناهية عن اتباع المتشابه : فهي على عكس المقصود أدل ، فإن الأخذ بحرفية الظواهر فيما يرجع إلى الله سبحانه وصفاته وأفعاله اتباع للمتشابه وإن لم يكن ابتغاء للفتنة ، بخلاف ما إذا قلنا بجواز الخوض فإن الواجب عندئذ هو إرجاع المتشابهات إلى المحكمات وتفسيرها بها ، لأنها أم الكتاب كما قال سبحانه : * ( هن أم الكتاب ) * . وأما الدليل الثاني ، أعني كون البحث عن المعارف القرآنية مورثا للشقاق فهو تجاهل بقيمة ذلك العلم ، فإن الذي يورث الشقاق هي العوامل النفسية الكامنة في ذات المجادل التي تصده عن اتباع الحق فيلقي أشواكا في طريق الحقيقة . ولو سلمت نفسه عن الأهواء لحسم الخلاف وانعدم الشقاق . إن الجدال إذا انتهى إلى المراء في الدين ، يحرم بلا إشكال ، ولكن إذا كانت المجادلة على أساس علمي ، ودافع موضوعي ، وقصد منها كشف المجاهيل في ظل تلاقي الأفكار ، فليس بحرام قطعا ، وعليها بنيت الحضارة العلمية فإنه من قبيل دراسة العلم ومذاكرته التي أمر بها الإسلام . إن الله سبحانه ، أمر نبيه بالمجادلة بالتي هي أحسن ، وقال : * ( وجادلهم بالتي