استعمال المحو ومقابلته بأم الكتاب إنما يناسب مقام التسجيل والكتابة ، التي هي كناية عن التقدير والتسجيل بسير الأسباب - وإن كان نوعيا - . ولا يناسب في المقام إفناء العين الموجودة ، مضافا إلى أنه عند إرادة الإفناء لا يبقى لقوله تعالى : " وعنده أم الكتاب " ( 5 ) معنى تأسيسي ترتبط به أطراف الكلام في الآية ، و يناسب ذكر المحو والإثبات ، كما لا ينبغي أن يخفى . ويدفعه ثانيا : احتجاج الإمام عليه السلام بهذه الآية للبداء ، وكذا الكثير من استشهادات الأئمة بهذه الآية . وأما البداء فهو بمعنى الظهور . مأخوذ من : بدا يبدو بدوا وبدوا وبداءة وبداء و بدوء ، فيقال : فلان بدا له في الرأي ، أي ظهر له ما كان مخفيا عنه ، وفلان برز فبدا له من الشجاعة ما كان مخفيا عن الناس ( 6 ) . فمعنى " بدا " في المثالين واحد ، ولكن الاختلاف فيهما جاء من ناحية اللام وربطها للظهور .
5 - سورة الرعد 39 : 13 . 6 - أنظر مادة " بدا " من : لسان العرب 14 / 65 والصحاح 6 / 2278 .