بل خطأهم ونسيانهم في الأمور العادية أيضا يضعف ذلك الاعتماد ، تنزههم عنه يقوي ذلك ويؤكده غاية التأكيد فاللطف والحكمة يقتضي اختصاصهم بعنايات وألطاف تدفع عنهم السهو والنسيان . لا يقال : إن ذلك غلو فيهم ، وأنهم ما فوق الإنسان وأعلى منه لأنه يقال : اختصاصهم بتلك العنايات وكون ذكرهم وتوجههم دائميا ليس فوق حد الإنسان ولا يقول ذلك إلا من قصر عن معرفة الإنسان ومراتب كماله ، وما يصل إليه في سيره إلى الله تعالى . قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام على ما روي عنه : الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه ، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ . وينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام . وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر الغلو إنما يحصل برفعهم من مرتبة العبودية والمخلوقية ، والفقر الذاتي إلى مرتبة المعبودية والخالقية والغنى الذاتي ، والفضائل وكثير من الصفات وما يتقرب العبد إلى المولى ، ويتخلق بأخلاقه مشتركة بين الإنسان والملائكة فلم يدل دليل على امتناع اتصاف البشر بها وإن لم تحصل إلا للأوحدي من الناس ، وإثباتها لهم ليس غلوا فيهم ، و غاية ما يقال فيهم أن هذه الصفات في الملائكة فعلية ، وليست بالاستعداد وبالقوة ، والإنسان لا بشرط في ذلك عن الفعلية والاستعداد فبعض أفراد الإنسان فيه هذا بالقوة وبعضهم فيه بالفعلية .