نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 74
ترجح الفعل على العدم ، وجود مرجح ثان فيتوجه إليه الإشكال السابق ، وهو أن نسبة الفعل بعد المرجح الثاني لم تتغير فكيف ترجح العلة جانب الوجود على العدم ؟ وإن علل بمرجح ثالث ورابع فذلك هو التسلسل بعينه . نعلق على الاستدلال بالقول : نختار الشق الأول ، وأن الفعل بعد تعلق الإرادة به يكون ضروري الوجود امتناعي العدم ، ولكن ذلك لا يلازم سلب الاختيار عن الإنسان ، فهنا أمران : أ . إن تعلق الإرادة بالفعل يضفي عليه وصف الضرورة والوجوب وامتناع العدم . ب . إن هذه الضرورة التي يكتسبها الفعل من جانب الفاعل المختار لا يخرج الفعل عن الاختيار . أما الأول فلقاعدة الشئ ما لم يجب لم يوجد . توضيحها : إن وجود الشئ رهن سد باب العدم على وجهه بالقطع والبت ، حتى يكون وجوده على نحو الوجوب ولكي ينقطع السؤال لماذا وجد ولم ينعدم . فلنفترض أن هناك فعلا له علة ذات أجزاء خمسة ، فلا يتحقق ذلك الفعل إلا بسد جميع أبواب العدم عليه من خلال إيجاد أجزاء علته مجتمعة ، فعند ذاك يوصف الفعل بضرورة الوجود ، فإن لم يوصف بضرورة الوجود ولم يتحقق المعلول ، والحال هذه ، يتوجه السؤال إلى ما هو السبب في عدم تحققه مع فرض وجود جميع أجزاء علته ؟ وأما الثاني فلأن الفعل وإن اكتسب وصف الضرورة لكنها لم تكن نابعة من صميم ذاته وجوهره ، وإنما أفاضها عليه الفاعل المختار ، فهو باختياره أضفى على الفعل وصف الوجوب وطرد عنه العدم ، فالفاعل هنا فاعل موجب ( بالكسر ) أي معطي الضرورة للفعل من جانب نفسه ، لا فاعل موجب ( بالفتح ) أي من فرض عليه الإيجاب من جانب آخر .
74
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 74