نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 20
التصرف في مال الغير ابتداء ، مع غض النظر عن هذين الأمرين . ولك أن تقرر كلامه بنحو آخر ، وهو أن التصرف في مال الغير من مقولة الفعل ، وكراهة المالك وعدم رضائه من مقولة الكيف ، والغصب المنتزع من هذين الأمرين ( التصرف في مال الغير مع كراهته ) لا يمكن أن يكون أمرا خارجيا ، وإلا يلزم أن يكون الشئ داخلا تحت جنسين ، وهذا يثبت أن الغصب عنوان انتزاعي عند تحقق هذين الأمرين ، فإذا كان الغصب أمرا انتزاعيا فلا يمكن أن يكون لازمه ، أعني : القبح ، أمرا واقعيا ملموسا - كما هو الحال في ذاتي باب البرهان - بل يكون هو أيضا انتزاعيا كالمنتزع منه ، أعني : الغصب . ومنه يظهر أن المراد من الذاتي في المقام إنما هو حسن الأفعال وقبحها العقلي ، في مقابل الأشاعرة الذين ذهبوا إلى حسن الأفعال وقبحها الشرعي . فمن قال بأن العقل له القابلية على أن يصف الفعل - إذا نظر إليه بما هو هو - بأحد الوصفين ، فقد ذهب إلى التحسين والتقبيح العقليين الذاتيين . وأما من قال بعجز العقل عن وصف الفعل بالحسن أو القبح وإنما يستعين بالشرع وحكمه ، فقد ذهب إلى التحسين والتقبيح الشرعيين غير الذاتيين . ومن هنا يتضح أيضا أن من يصف الفعل بالحسن والقبح بملاحظة ما يترتب عليه من المصالح والمفاسد الاجتماعية ، أو بما يلائم غرض الفاعل ويخالفه ، فليس هو من القائلين بذاتية التحسين والتقبيح ، فهو إما قول ثالث أو أشبه بقول الأشاعرة .
20
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 20