نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 188
ثم إنه يشترط في الفعل الأخلاقي أمورا ثلاثة : الأول : أن يكون الفعل اختياريا ، فالفعل الصادر عن إكراه واضطرار لا يعد فعلا أخلاقيا وإن كان ربما يوصف بالحسن . الثاني : أن يكون الفعل مطابقا للوظيفة والتكليف الذي يوحيه الضمير إلى الإنسان . الثالث : أن يكون الدافع إلى العمل هو الحس الأخلاقي ونية امتثال الأمر الأخلاقي . مجردا عن كل دافع سواه . وهذا الشرط هو الذي يصر عليه " كنت " وكأنه دعامة مذهبه الأخلاقي . ويوضح ذلك بأن الفعل الذي يصدر من الإنسان لغاية من الغايات ككونه مقتضى الجمال أو الحكمة أو اللذة أو نتيجة الاستشعار بالعاطفة ، ليس فعلا أخلاقيا ، بل ربما يعد فعلا عقلانيا ، وإنما يوصف به إذا كان الإنسان فارغا عن كل داع إلى العمل غير الإتيان به لأجل امتثال التكليف الذي كلفه به وجدانه . فالبائع والمشتري اللذان يمارسان البيع والشراء لغاية إمرار المعاش فلا يمس عملهما بالأخلاق وفاقا وخلافا ، ولكن لو دفع المشتري للبائع بدل دينار واحد ، عشرة دنانير عن غفلة ، فقام البائع بإرشاده إلى خطئه ورد الزائد عليه فهو عمل أخلاقي نابع من الإحساس بالتكليف ، كما أنه إذا تغافل عن هذه الزيادة ولم يخبر المشتري بها ، فعمله يعد عملا لا أخلاقيا . فالفعل الأخلاقي هو الفعل النابع عن العمل بالتكليف ، وأما الفعل الصادر عن الميول والغرائز الباطنية التي تطلب عملا مناسبا لنفسها فلا يكون موصوفا بالأخلاق أو ضد الأخلاق . هذه خلاصة نظرية " كنت " في الأخلاق .
188
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 188