نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 174
أما الأبيقوريون ، فعلى العكس من ذلك ينظرون إلى لحظات الحياة الإنسانية المتتابعة بحسبانها تكون وحدة ، فيضطرون بالتالي إلى جعل اللحظات المكونة للحياة تعتمد الواحدة منها على الأخرى . وبالتالي يجب أن نراعي اللحظة التالية ، ونحن ننظر إلى اللحظة السابقة ، فإذا كانت الحال على هذا النحو ، فقد يكون ما تتصف به لحظة مستقلة عن غيرها ومنظورا إليها بوصفها وحدة مستقلة ، مخالفا كل المخالفة لما يجب أن ننظر به إلى هذه اللحظة بوصفها جزءا من كل . ( 1 ) إن هذا المذهب يفارق المذهب الأول في أمرين بعد اشتراكهما في أن مناط السعادة هو اللذة : الأول : إدخال عنصر العقل في وصف الشئ باللذة ، فاللذة المستتبعة ألما كثيرا ليس بلذة . الثاني : إنه يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار معدل المجموع الكلي للذات التي يصادفها الإنسان ، فلو كان شئ لذيذا حاليا ومؤلما في المستقبل فهذا ليس بلذة . يلاحظ على ذلك أولا : أن المذهب وإن كان أسلم من المذهب الأول ولكنه يشاركه في أنه جعل محور الأخلاق هو الأنانية واللذة الشخصية ، لكن محددة بقضاء العقل بأعمالها ، مع أن هناك أمورا معنوية يلتذ بها الآخرون كإغاثة الملهوفين وإعانة المنكوبين . وهذا يعرب عن أنه نظر إلى الإنسان كأرسطيفوس من زاوية ضيقة وهي الالتذاذ بالغرائز الحيوانية ، غير أن أرسطيفوس جعل مطلق اللذة ملاك السعادة ، ولكن أبيقور جعل اللذة محددة بحدين كما عرفت .
1 - موسوعة الفلسفة : 1 / 86 - 87 .
174
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 174