نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 153
وإنما تمتد بنشأة أخرى وهي الحياة البرزخية ، ثم الحياة الأخروية ، فكما أن هناك عوامل تسعد الإنسان أو تشقيه في الدنيا ، فهكذا الحال في الآخرة . وفي هذه النقطة بالذات يختلف المذهب الأخلاقي في الإسلام عن سائر المذاهب التي تحدد الحياة في إطار مادي محدود ، لا تتصور للسعادة معنى إلا السعادة الدنيوية ، فتجعل محور الأخلاق هو الالتذاذ الفردي أو الانتفاع الجماعي ، وأما المذهب الأخلاقي في الإسلام والذي يرى أن وراء الحياة الدنيا حياة أخروية ، وهناك سعادة وشقاء ، ينظر إلى الحياتين على حد سواء ، ويبعث إلى ما يسعده في كلتا النشأتين ، ويزجره عما يشقيه فيهما ، وسيوافيك توضيحه في بعض الأصول الآتية : 2 . الإنسان موجود مختار على الرغم من أن هناك فئة قليلة تصور الإنسان أنه فاعل بالجبر وأنه فاقد للحرية والاختيار ، إلا أن الأكثرية الساحقة تصوره فاعلا عالما بفعله ، ومختارا بين الفعل والترك ، وهذا غني عن إقامة برهان بعد شهادة الوجدان عليه . وعلى ذلك نزل الذكر الحكيم : * ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ) * ( 1 ) ويقول في آية أخرى مبينا حريته واختياره : * ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) * ( 2 ) . ولقد صب العالم الكبير زين الدين العاملي المعروف بالشهيد الثاني ( قدس سره ) مضمون الآية في قالب الشعر ، وقال :
1 - فصلت : 46 . 2 - الكهف : 29
153
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 153