نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 152
وهذه الشبهة هي التي نقلها الذكر الحكيم عن المشركين ، قال : * ( وقالوا أئذا ظللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون ) * . ( 1 ) فهذه الآية تتضمن الشبهة والإجابة الإجمالية عنها ، ولكن الجواب التفصيلي ورد في الآية التالية : * ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) * . ( 2 ) وهذه الآية تزيل الشبهة بالبيان التالي ، وهو : إن واقع الإنسان ليس هو البدن المتفرقة أجزاؤه ، بل واقعه أمر محفوظ ، وهو الذي يأخذه ملك الموت ويرجعه إلى ربه ، وهو شئ لا يمسه الانحلال ولا التغيير ولا التبدل ، فما يتبدل أو يتغير ليس هو واقع الإنسان ، وما هو واقع الإنسان فهو في معزل عن التفرق والانحلال ، ويتضح ذلك إذا كان معنى التوفي هو الأخذ ، يقول سبحانه : * ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) * . ( 3 ) أي أن الله يأخذ الأنفس حين موتها ، وفيما نحن فيه من الآية ينسب التوفي وأخذ الروح إلى ملك الموت ، ولا تنافي بين النسبتين ، لأن ملك الموت جند من جنود الله سبحانه ، ومأمور من قبله ، والآية بصراحتها تكشف عن أن موت البدن ليس موت الإنسان ، بل الإنسان باق بعد الموت يتوفاه ملك الموت ويحتفظ به إلى قيام الساعة . إلى هنا تبين أن الرؤية الإسلامية حيال خلقة الإنسان هو أنه كائن علوي روحي باق بعد الموت عبر القرون إلى يوم القيامة ، وأن الحياة لا تنقطع بالموت ،