نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 130
والتقبيح العقليين ، ولكنه لم يلتزم بالملازمة ، وقال : والحق ثبوت الحسن والقبح العقليين ، ولكن في إثبات الحكم الشرعي - كالوجوب والحرمة - بهما نظر وتأمل ، لأن قوله تعالى : * ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) * ( 1 ) ظاهر في أن العقاب لا يكون إلا بعد بعثة الرسول ، فلا وجوب ولا تحريم إلا وهو مستفاد من الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وأيضا أن العقل يحكم بأنه يبعد من الله توكيل بعض أحكامه إلى مجرد إدراك العقول مع شدة اختلافها في الإدراكات من غير انضباطه بنص ، أو شرع ، فإنه يوجب الاختلاف والنزاع ، مع أن رفعه من إحدى الفوائد لإرسال الرسل ونصب الأوصياء . ( 2 ) يلاحظ عليه أولا : أنه إذا وقف العقل على الملازمة بين حسن الشئ والبعث إليه ، وقبحه والزجر عنه ، يستكشف بيان الشارع أيضا عن طريق رسوله غير أن هذا الرسول ، رسول باطني لا ظاهري كما في رواية هشام عن الكاظم ( عليه السلام ) : " يا هشام إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة ، وحجة باطنة . أما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ، وأما الباطنة فالعقول " . ( 3 ) وثانيا : خروج ما ذكره عن محط البحث ، إذ ليس البحث في إدراك مناطات الأحكام وملاكاتها حتى يستكشف منها حكم الشرع ، ليرد عليه بأنه يبعد من الله توكيل بعض أحكامه إلى مجرد إدراك العقول مع شدة اختلافها في الإدراكات من غير انضباطه بنص أو شرع . . . وإنما الكلام في الملازمة بين حسن الشئ وقبحه ، وليسا من الأمور التي تختلف فيها العقول ، لوضوح درك حسن الشئ وقبحه إذا عرض الفعل على الفطرة .