نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 124
المفروض عدم سعة مدركه ، واختصاص درك الحسن والقبح لفاعل مختار خاص كالإنسان . وأما إذا كان المدرك بنحو ما ذكر في القسم الثاني ، فالفاعل المختار يصدق على الممكن والواجب ، وعليه فيكون الفعل الموصوف بالحسن والقبح عند الإنسان هو أيضا كذلك عند الواجب عز اسمه . والدليل على أن ما يدركه العقل أمر واسع يعم كلا الفاعلين هو ما أقمنا برهانه من أن الموضوع للحسن والقبح هو نفس الفعل ، بغض النظر عن فاعل خاص ، بل مع غض النظر عما يترتب عليه من المصالح والمفساد ، فإذا كان هذا هو الموضوع فما وقف عليه العقل بفطرته ، أمر واقعي يكون الواجب والممكن أمامه سواء . وهذا نظير إدراكات العقل في مجال الحكمة النظرية ، فلو أدرك العقل بفضل البداهة أو التجربة بأن زوايا المثلث تساوي قائمتين ، فقد أدرك أمرا واقعيا من دون مدخلية للمدرك في حقيقتها ، فإذا كانت زوايا المثلث محكومة بهذا الحكم فإنما هو لأجل طبيعة المثلث ، فإذا كان كذلك ، فالمعلوم عند الإنسان هو نفس المعلوم عند الله ، والفرق بين العقل النظري والعملي أن مدركاته في الأول إخبار عن الواقع ، كما أن مدركاته في الثاني إنشاء وبعث وزجر . ثم إن للمحقق القمي بيانا وافيا في هذا الموضوع نقتبس منه ما يلي ، يقول : إن العقل يدرك الحسن والقبح بمعنى أن بعض الأفعال على وجه يستحق فاعله من حيث هو فاعله ، المدح ، وبعضها على وجه يستحق فاعله من حيث فاعله ، الذم ، سواء أكان فيه من الشرع خطاب أم لم يكن ، فإنه يدرك في شئ حسنا لا يرضى بتركه ، ويحكم بلزوم الإتيان به ، وفي بعضها قبحا يحكم بلزوم
124
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 124