وتركوا هارون لما استخلفه موسى عليهم ، فلما دخلنا بلادكم أرشدونا إلى هذا الشيخ الجالس ، وقالوا : هذا وليّ المؤمنين وهو بمقام النبي وسألناه إنّ النبي أوصاك ونصّ عليك فقال : لا ثم سألناه عن أشياء أخر فلم يجبنا ، ونحن جئنا نطلب الحق فإنْ وجدنا من يدلنا عليه ، ورأينا وصيّ نبيٍّ فيه شمائل أوصياء الأنبياء السابقين ، دخلنا في دينكم ، وإنْ لم نجد أحداً كذلك عُذِرنا عند ربنا ، وعلمنا إنّ محمد الموعود ببعثه لم يبعث ، فنبقى على ديننا ننتظر بعثه . فقال الإمام ( ع ) وما تلك الشمائل التي تذكرون ؟ فقالوا : يلزم أن يكون عنده علم كلما تحتاج الأمة إليه ، ويقطع بالجواب شبهات المنكرين ، وعنده علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب ومعرفة الأنساب وأحكام ليلة القدر وما ينزّل فيها وغير ذلك فلما استخبرنا بالمكالمة حال هذا الشيخ لم نجد عنده شيئاً من تلك الشمائل بل لازم مقالاته إنّ محمداً لم يكن نبياً بل هو من الجبابرة لأنّه لم يثبت فيه من آثار الأنبياء السابقين شيئاً فإنّ أهمّها الوصية والاستخلاف ، وقد اعترف بنفي ذلك فكيف يكون محمداً نبيا ؟ وهو بهذا الحال الذي يذكره الشيخ إنّه ترك أمته بلا راع ولا أقام أحداً مقامه ، ولم يعلم إنّ ذلك مع إنّه ليس من صفات الأنبياء ، ومن طريقتهم يلزم فيه الاختلاف وبغي بعضهم على بعض ، وعدم استقرار الدين كما بلَغَنا إنّ ذلك واقع فيكم وجلّ الله تعالى أن يُهمل عباده ويدعهم بلا راع يهديهم إلى الخصب ويردعهم عن المحل والجدب ، فهل عندك ما يُشفي الغليل ويزيل الشكوك والشبهات ويهدي إلى الحق وإلى سواء السبيل . فقال الأمير ( ع ) : نعم عندي ما يشفي الصدور ، وعندي شرح المشكلات ، وعندي بيان ما يرفع الشكوك والشبهات ، وسأوضح لكم كل