نام کتاب : دور العقيدة في بناء الإنسان نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 80
ولا بد من الإشارة إلى أن العقيدة لا تحبذ اتباع الوسائل الملتوية من أجل السيطرة على النفس ، فعن طلحة قال : انطلق رجل ذات يوم فنزع ثيابه وتمرغ في الرمضاء ، وكان يقول لنفسه : ذوقي ، وعذاب جهنم أشد حرا ، أجيفة بالليل بطالة بالنهار ؟ ! قال : فبينا هو كذلك إذ أبصره النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ظل شجرة فأتاه ، فقال : غلبتني نفسي ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ألم يكن لك بد من الذي صنعته ؟ ) [1] . من هذا التوجه النبوي ، نجد أنه في الوقت الذي تشجع فيه العقيدة كل محاولة صادقة من الإنسان للسيطرة على نفسه ، نجد أيضا أنها لا تحبذ اتباع الأساليب غير العقلانية للسيطرة على النفس ، فالنفس تحتاج إلى صبر وسياسة طويلة ورياضة خاصة لتقلع عن ضراوة عاداتها ، كتلك الرياضة التي أقسم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على اتباعها مع نفسه : ( . . . وأيم الله - يمينا أستثني فيها بمشئية الله - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما ، وتقنع بالملح مأدوما . . . ) [2] . وإن الإنسان ليقف مبهورا أمام قدرة الإمام ( عليه السلام ) في السيطرة على نفسه ، رغم أن الأموال كانت تجبى إليه من مختلف بلدان الخلافة الإسلامية أيام خلافته ، ولقد أبر بقسمه الذي قطعه على نفسه ، عن حبة العرني قال : أتي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بخوان فالوذج فوضع بين يديه ونظر إلى صفائه وحسنه فوجى بإصبعه فيه حتى بلغ أسفله ثم سلها ولم يأخذ منه شيئا ، وتلمظ إصبعه وقال : ( إن الحلال طيب ، وما هو بحرام ، ولكني أكره أن أعود
[1] المحجة البيضاء ، للمحقق الكاشاني 8 : 68 - مؤسسة الأعلمي ط 2 . [2] نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 419 .
80
نام کتاب : دور العقيدة في بناء الإنسان نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 80