لا أرى عاقلا يرتضي ذلك ، ولا سيّما إذا حمل ( المولى ) على الناصر أو نحوه ! [1] . فلا بدّ أن تكون الواقعة كما رواها الشيعة ، وأنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم خطب تلك الخطبة الطويلة البليغة الجليلة ، التي أبان فيها عن قرب موته ، وحضور أجله ، ونصّ على خلفائه ، وولاة الأمر من بعده ، وأنّه مخلَّف في أمّته الثقلين ، آمرا بالتمسّك بهما لئلَّا يضلَّوا ، وببيعة عليّ عليه السّلام ، والتسليم عليه بإمرة المؤمنين . لكنّ القوم بين من لم يرو أصل الواقعة - إضاعة لذكرها - وبين من روى اليسير منها بعد الطلب من أمير المؤمنين عليه السّلام ! فكان لها بعده نوع ظهور ، وإن اجتهد علماء الدنيا في درس أمرها ، والتزهيد بأثرها . ولو رأيت كيف يسرع علماؤهم في رمي الشخص بالتشيّع ، الذي يجعله هدفا للبلاء ، ومحلَّا للطعن ، لعلمت كيف كان اهتمامهم في درس
[1] ولخطورة الحديث في تاريخ الإسلام فقد تناوله المؤلَّفون عبر القرون - على اختلاف مذاهبهم وتخصّصاتهم ولغاتهم - بتخريج طرقه وألفاظه ، والبحث فيه سندا ودلالة ، ونظم الواقعة شعرا ، وقد أحصى من ذلك المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدّس سرّه في كتابه : « الغدير في التراث الإسلامي » ما يقرب من مئتي كتاب ورسالة ، مرتّبة حسب القرون . ولمعرفة معنى كلمة « المولى » ومشتقّاتها والمراد منها في الحديث ، والتوسّع فيه سندا ودلالة ، وما يتعلَّق برواته ومخرّجيه وطرقه وألفاظه ، وما يرتبط به من بحوث علمية وتاريخية ، وما نظم فيه من شعر على مرّ القرون ، فقد استوفى ذلك العلَّامة الشيخ عبد الحسين الأميني قدّس سرّه في موسوعته « الغدير » ، والعلَّامة السيّد عليّ الحسيني الميلاني - حفظه اللَّه ورعاه - في الأجزاء 6 - 9 من موسوعته « نفحات الأزهار » . فللَّه درّهم وعليه أجرهم .