يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ممّا لا ريب فيها ، ولا مجال للتشكيك والتردّد إزائها ، وبتعبير الشيخ محمود التويجري : ( أنّه لا ينكر خروجه إلاّ جاهل أو مكابر ) [1] . ولقد أجاد بعض الكتّاب المعاصرين حيث قال : ( إنّ في عالم الدجل ، الكثير من الذين يدّعون العلم ويتاجرون بالورع ، يريدون أن يجعلون تراثنا خالياً من الهواء . . . ، لقد رفض فكرة المهدي رجال هناك ، أمثال ( غولد سابهر ) و ( فلهوزن ) فاتبعهم رجال هنا ، من منطلق أنّهم يأكلون كلّ طعام يأتي من هناك ) [2] . نعم ، الذي وقع الخلاف فيه بين علماء المسلمين ، إنّما هو في جهة أُخرى من البحث ، هي : هل أنّ المهدي حي ؟ ولكنّه غائب مستور ، كما ذهب إلى ذلك أتباع مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) تبعاً للروايات الصحيحة الواردة عن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، أمّ أنّه سيولد بعد ذلك ؟ كما هو الإتجاه العام عند مدرسة الخلفاء . من هنا لا بدّ أن ينصبّ الحديث على إثبات أنّ المهدي المنتظر حي أم لا ؟ ويمكن ذكر طريقين في هذه العجالة لإثبات حياته : الطريق الأوّل : وهو الطريق غير المباشر ، إن صحّ التعبير ، وذلك بأن يقال : بعد أن ثبتت ضرورة استمرار وجود معصوم ، لا يفارق الكتاب ولا يفارقه الكتاب ، كما هو نص حديث الثقلين ، وأنّ هؤلاء المعصومين لا يتجاوز عددهم ( 12 ) كما هو مقتضى أحاديث ( خلفائي من بعدي إثنا عشر ) ، وأنّ هؤلاء هم علي والحسن والحسين وتسعة من صلب الحسين ( عليهم السلام ) ينتهون بالمهدي المنتظر ، كما هو نص عشرات الروايات من الفريقين ، إذن يثبت بالدلالة الإلتزاميّة العقليّة ، أنّ الإمام الثاني عشر ، حيٌّ يُرزق ، لكنّه غائب مستور عن الخلق لحكمة إلهيّة في ذلك . ومن الواضح أنّ هذا الطريق يثبّت لنا وجود إمام معصوم غائب ، هو المهدي
[1] الإحتجاج بالأثر : ص 127 . [2] عقيدة المسيح الدجّال في الأديان ، قراءة في المستقبل ، تأليف سعيد أيّوب ، ص 361 ، دار البيان للطباعة والنشر .