فما دمنا قد ملكنا الدليل المادّي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري ، أمكننا أن نتأكّد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانيّة نطق بها من لا ينطق عن الهوى ، فقال : إنّ الخلفاء بعدي إثنا عشر ، وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءاً من الإمام علي ( عليه السلام ) وانتهاءاً بالمهدي ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف ) [1] . الخصوصيّة الثانية : إنّ عدداً كبيراً من هذه الروايات من طرق الفريقين شبّهت هؤلاء الأئمّة والخلفاء ، بأنّهم كنقباء بني إسرائيل ، كما في رواية أحمد ، والحاكم النيسابوري ، وغيرهما . أخرج أحمد عن مسروق قال : كنّا جلوس عند عبد الله بن مسعود ، يقرئنا القرآن ، فسأله رجل ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كم يملك هذه الأُمّة من خليفة ، فقال عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثمّ قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : « اثني عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل » [2] . وفي رواية أُخرى لابن مسعود ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى » [3] . وقد ورد في التراث الشيعي عشرات الروايات التي تؤكّد الحقيقة السابقة ، وشبهتهم بأنّهم عدّة نقباء بني إسرائيل أيضاً ، يمكن الرجوع إليها في معجم أحاديث الإمام المهدي [4] . ومقتضى هذا التشبيه كما يقول أُستاذنا السيّد محمّد تقي الحكيم ، أن يكون هؤلاء الأُمراء معيّنون بالنص ، وذلك لقوله تعالى : ( ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا
[1] بحث حول المهدي : آية الله السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر ، ص 54 ، معاونيّة الرئاسة للعلاقات الدوليّة في منظمة الإعلام الإسلامي . [2] مسند أحمد : ج 5 ، ص 90 ؛ الصواعق المحرقة : ص 12 ؛ تاريخ الخلفاء : ص 10 . [3] كنز العمّال : ج 13 ، ص 27 . [4] معجم أحاديث الإمام المهدي : ج 2 ، ص 262 .