يقول هذا الرجل : فلمّا دنا منّي العسكري ونظرت إليه . . . فقال لي : « أما إنّك لو أذعت لهلكت » ، وقال : « إنّما هو الكتمان أو القتل ، فأبقوا على أنفسكم » [1] . كلّ ذلك أدّى بأصحاب العسكري أن لا يصرّحوا حتّى باسمه عندما ينقلون رواية عنه لتوصياته ( عليه السلام ) بذلك . يقول الأردبيلي : ( وكلّما ورد عن الرجل فالظاهر أنّه العسكري ( عليه السلام ) ) [2] . فهذه هي توصيات الإمام لشيعته ، وهذه هي استجابات الشيعة لتلك التوصيات ، والتي حدّثنا عنها التاريخ ، وهذا عصر العسكري الملئ بالظلم والانحراف وسيطرة الذين لا يؤتمن عليهم في الدين والدنيا على مقاليد الحكم آنذاك . ولهذا العصر قلّد الكاتب وسام التعاطف . البحث السادس المؤرّخون والصراع العبّاسي العلوي : خلّف ذلك الصراع الدموي عشرات الآلاف من القتلى ومثلهم من الأيتام والأرامل ، وعلى مدى سنين وسنين طال فيها الحكم العبّاسي ، يقول الخوارزمي متحدّثاً عن السفّاح : ( وسلَّط عليهم - على العلويين - أبا مجرم لا أبا مسلم يقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ويطلبهم في كلّ سهل وجبل ) . ويقول الخطيب البغدادي وابن كثير : ( إنّ أبا مسلم هذا اعترف بذلك حينما قال : أُمرت أن أُجرّد السيف وآخذ بالظنّة ، وأقتل على التهمة ، ولا أقبل المعذرة ، فهتكت حرمات حتَّم الله صونها ، وسفكت دماءً فرض الله حقنها ، وزويت الأمر عن أهله ، ووضعته في غير محلّه ) [3] . ولكن جاء هذا الاعتراف عندما ضُرِبت مصالح هذا المجرم
[1] إثبات الوصيّة : ص 251 . [2] جامع الرواة : ج 2 ، ص 461 - 462 . [3] تاريخ بغداد : ج 7 ، ص 20 .