الهادي ( عليه السلام ) : لمّا دخلت المدينة ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام الهادي وأقامت الدنيا على ساق [1] . ولهذا المقام الرفيع الذي يحتلّه الهادي ( عليه السلام ) ، لم يثق المتوكّل بأي شخص من العرب لإلقاء القبض عليه ، فأوكل أمره إلى الأتراك فهاجموا داره ليلاً في سامرّاء [2] . وقد اعترف الدكتور محمّد بيومي مهران بهذه المكانة السامية بقوله : ( لمقام علي الهادي في المدينة وميل الناس إليه خاف - المتوكل - منه ) [3] . وهذا المقام كان للإمام الهادي ( عليه السلام ) في أيّام حياته ، وليس كما يقول الكاتب : إنّ الشيعة ابتدعوها - أي الإمامة - بعد قرون من زمان الأئمّة . فهذا أحد الأشخاص يقول : أنا واقف على باب المتوكّل أنتظر الدخول حتّى نُودي بإحضار علي الهادي ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا لي : رجل علوي تقول الرافضة بإمامته يريد المتوكّل قتله . ولمّا يئس الكاتب من إيجاد فجوة في إمامة الهادي ، سواء كانت في النصوص التي دلّت على إمامته ، أو بالرأي العام الذي كان ينظر للهادي بأنّه إمام ، راح يبحث عن طريق المعاجز وعلم الإمام بالغيب الذي اختصّ الله به رسوله ، وعلّمه الرسول للأئمّة ( عليهم السلام ) واحداً واحداً ، واستغرب الكاتب استغراباً شديداً من حصول بعض الكرامات للإمام الهادي ، متناسياً أنّ هذه الكرامات نُسبت لأئمّة أهل البيت من قِبل السيوطي وابن الساعي والإصفهاني وغيرهم ، فضلاً عن علماء الشيعة ومؤلّفيها . يا بني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً : وعلى نفس الطريقة التي دعا الكاتب المتكلّمين إليها ، وهي البحث عن تراث أهل البيت ، لمعرفة هذه الرواية قبل اللجوء إلى تأويلها ، ونحن كما فعلنا مع كلمة الإمام الصادق « بدا لله في إسماعيل » نفعل هنا حيث نقوم بدراسة موضوعيّة لتراث الإمام الهادي ( عليه السلام ) حتّى نستطيع أن نفهم
[1] الإمامة وأهل البيت : ج 3 ، ص 188 . [2] المصدر السابق . [3] المصدر السابق .